google

الجمعة، 25 ديسمبر 2009

رسالة جثة حراق

رسالة جثة حراق

''انتشال جثة شاب حراف بشاطئ كوفالو قرب ميناء وهران''.. احتل هذا الخبر حيزا صغيرا في صفحات الجرائد اليومية الصادرة أمس بوهران. لكن طفو جثة الحراف قرب ''مرفأ الحاويات بالميناء'' يحمل أكثـر من رسالة حول مأساة شباب جزائري حوّلهم النظام إلى ''هويات انتحارية'' بعد انسداد الآفاق وانعدام فرص التغيير. نظام حوّل الميناء بسياسته المفلسة إلى مجرد رصيف ''يستورد كل شيء ويصدّر الزيوت المستعملة والنفايات الحديدية''. كما يقع المكان غير بعيد عن مشروع ترقوي ضخم يبلغ ثمن الشقة الواحدة فيه 14 مليون دج يستحيل على ''الحراف'' اقتناؤها. أرادت ''جثة'' الشاب إشهاد تمثال ''أحمد زبانة'' الواقع على مرمى حجر بأن رسالة نوفمبر التي استشهد من أجلها ضاعت في الطريق، وأن أمواج البحر حلّت محل ''المقصلة'' لزهق أرواح شباب الجزائر، وكيف احتضن الشعب ''الثورة'' واحتضنت السلطة ''الثـروة''. وكيف يفضل الشباب الموت في ولاية صرفت في ظرف شهور ''1600 مليار سنتيم على زينتها'' لاحتضان حدث عالمي مهم لتلميع صورة ''الجزائر'' التي خدشتها مئات ''جثث'' الحرافة المتواجدة بمصالح حفظ الجثث بمختلف بلدان حوض المتوسط، دون أن تشكل قضية ترحيلها أولوية وطنية.
في المقابل، لم تفلح ''الجثة'' في استقطاب انتباه السلطات العليا، لأنه مجرد اسم يُشطب في سجل الحالة المدنية لكن دون ''شطبه'' من القوائم الانتخابية، لأن حكومتنا التي عهدت العيش على دماء ''الشهداء'' حريصة على احترام ''أصوات الأموات'' قبل الأحياء منذ الاستقلال وتنظيم الاقتراعات على طريقة ''نايجلان''. وعكست ''جثة'' الحراف واقع شباب يواجهون الصعاب لوحدهم ويموتون لوحدهم، أو كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام في الصحابي أبي ذر الغفاري ''يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده''.


 المصدر :جعفر بن صالح


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق